في أكتوبر ونوفمبر 2025 شهدت سوق الشراكات التسويقية تحركات كبيرة أعادت صياغة معايير التعاون بين وكالات الإعلان والمنصات والتجار – من صفقات عملاقة لتوسيع الوصول إلى شراكات إقليمية تركز على المحتوى المحلي والذكاء الاصطناعي. التحولات الأخيرة تضع الشراكات كقلب الاستراتيجية التسويقية لا كأداة داعمة فقط، مما يفرض على العلامات التجارية إعادة التفكير في كيفية اختيار شركائها وقياس عائد الاستثمار.
صفقة WPP-جوجل: نقطة تحول في الشراكات المدفوعة بالـ AI
في 14 أكتوبر 2025 أعلن مجموعة WPP عن توسيع شراكتها مع جوجل بعقد مدته خمس سنوات والتزام استثماري بقيمة 400 مليون دولار، مع حصول WPP على وصول مبكر لنماذج جوجل المتقدمة مثل Gemini وVeo وImagen لدمجها في منصتها WPP Open. تُظهر بنود الاتفاق رغبة الوكالات العملاقة في نقل الإنتاج الإبداعي والتوزيع الإعلامي إلى أطر مدعومة بالذكاء الاصطناعي تسرّع إنشاء الأصول وتخصيصها على نطاق واسع. كما صرح قادة الشركتين أن الهدف هو “تمكين الحملات المخصصة في أيام وليس أشهر” وهو ما سيغير ديناميكية اختيار الشريك التسويقي وطبيعة العقود والعلاقات التشغيلية. للمزيد من التفاصيل حول الإعلان الرسمي اضغط على هذا الرابط: بيان WPP وGoogle حول الشراكة الموسعة.
تحركات علامات تجارية وهياكل تنظيمية جديدة
على خط موازٍ، أعلنت شركات مثل Unilever في أواخر 2025 عن تحول استراتيجي إلى نموذج “اجتماعي أول” مع زيادة حصة الإنفاق على المؤثرين ووسائل التواصل، في حين رصدت تقارير WFA ووسائط متخصصة زيادة الإنفاق على حملات المؤثرين في 2025 مع تشديد متطلبات الحوكمة والتعاقد. في المنطقة العربية وقعت مؤسسات محلية صفقات تحالف استراتيجي خلال 2025؛ منها اتفاقية بين مجموعة SMC ومجموعة موضوع (23 أبريل 2025) وتحالفات سعودية أخرى بين شركات إعلامية وإعلانية في الربع الثاني من العام، ما يعكس توجه السوق الإقليمي نحو دمج البيانات والذكاء الاصطناعي مع المحتوى العربي لإنتاج حملات أكثر فعالية وملاءمة ثقافياً.
ما يربط هذه التحركات – سواء على مستوى الشبكات العالمية أو الشراكات المحلية – هو تحول المعايير: الشراكة لم تعد مجرد توزيع ميزانية إعلانية عبر قنوات مختلفة، بل أصبحت شراكة تقنية واستراتيجية تشمل تبادل البيانات الآمن، الوصول المبكر إلى تقنيات التوليد الآلي للمحتوى، وتدريب المواهب الرقمية. كما يفرض هذا التوجه نماذج تعاون جديدة – اشتراكات تقنية، اتفاقات مشاركة بيانات مشفّرة، واتفاقات ملكية فكرية واضحة حول ما يُنتج عبر أدوات التوليد الآلي.
ماذا ينبغي على العلامات التجارية ووكالات الإعلان مراقبته الآن
حوكمة المخاطر والامتثال – الاتفاقات مع منصات AI تتطلب شروطاً واضحة لعدم استخدام بيانات العملاء لتدريب نماذج عامة، وهو ما ركزت عليه التصريحات المتعلقة بشراكات AI في أكتوبر 2025.
بنية القياس الجديدة – التحالفات التي تُمكّن من إنتاج أصول متعددة مخصصة تتطلب مؤشرات أداء جديدة لقياس الفعالية عبر التجربة والعمليات الآلية.
استثمار المواهب والبُنى التحتية – صفقات مثل WPP-جوجل تتضمن برامج تدريب واسعة لتأهيل كوادر قادرة على العمل مع أدوات AI، ما يعني أن العلامات التي ترغب في شراكات حقيقية يجب أن تضمن استعدادها التشغيلي.
الشفافية في عقود الشراكة – تحديد الحقوق في الملكية الفكرية، ومتى تكون الأصول المولدة آلياً مُلكاً للعلامة أو للوكالة، أصبح أمراً حاسماً لتفادي النزاعات.
في الختام، مشهد الشراكات التسويقية في نهاية 2025 يتحول بسرعة نحو شراكات تقنية واستراتيجية أعمق. على المسوّقين والوكالات إعادة تقييم علاقاتهم الحالية والجاهزية الفنية لضمان أن أي تحالف جديد يقدم ليس فقط توزيعاً للميزانية، بل قدرة حقيقية على الابتكار والسرعة والالتزام بمعايير حماية البيانات والحوكمة. ما يجب مراقبته لاحقاً هو كيف ستتنافس الوكالات المتوسطة والصغيرة على إتاحة تجارب مشابهة للعملاء مع غياب الاستثمارات الضخمة – وما إذا كانت الشراكات الإقليمية ستتعاظم لتسد فجوة الابتكار المحلية.
