المشهد التنفيذي في صناعة الألعاب شهد تصاعداً في التدابير المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية خلال الأشهر الأخيرة، مع سلسلة من الخطوات التنظيمية والغرامات التي تؤكد أن الحكومات والهيئات الرقابية لم تعد تتسامح مع ممارسات ترّكّز الربح على حساب حماية المستهلكين. أحدث هذه التطورات إعلان لجنة المقامرة البريطانية عن تعديلات ملزمة في قواعد “الحوافز الاجتماعية المسؤولة” التي تدخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2026، إلى جانب غرامة بقيمة 2 مليون جنيه إسترليني على مؤسستي Paddy Power وBetfair في ديسمبر 2025 لقصور في حماية العملاء.
تغييرات إلزامية في تصميم العروض الترويجية
أعلنت لجنة المقامرة البريطانية في صفحة “التغييرات القادمة” أن أحكام Social Responsibility Code 5.1.1 ستُعدّل رسمياً بحيث تُحظر مزج منتجات مراهنات مختلفة ضمن نفس العرض الترويجي، وتُقيّد متطلبات الرُّهان (wagering requirements) بحد أقصى محدد. هذه التعديلات، المقرر تطبيقها اعتباراً من 19 يناير 2026، تهدف إلى الحد من العروض التي تدفع اللاعبين للانتقال بين منتجات متعددة (مثل رهان وسبينات الكازينو) للحصول على مزايا، وهو أسلوب كان يُنظر إليه على أنه يعزز سلوكيات قمار مكثفة. تفاصيل الإجراءات متاحة في موقع اللجنة الرسمي، الذي يشرح النطاق والموعد النهائي لتنفيذها. للمزيد: Upcoming changes – UK Gambling Commission.
هذه الخطوة تأتي كجزء من سعي تنظيمي أوسع لإعادة ضبط سوق المكافآت والعمليات الدعائية لدى المشغلين، ولفت الانتباه إلى تصميم الحوافز وكيف يمكن أن تؤثر على سلامة المستهلك.
غرامات وضغوط تنظيمية على المشغلين
في 17 ديسمبر 2025 أعلنت الجهات الرقابية الساعية لتطبيق المعايير أن شركة Flutter (المالكة لعلامتي Paddy Power وBetfair) وافقت على تسوية بقيمة 2 مليون جنيه إسترليني بعد أن خلّصت مراجعات امتثال عام 2024 إلى وجود إخفاقات في رصد ومنع سلوكيات إشكالية لدى عملاء. بحسب قرار الرقابة، شملت القصور تأخراً في التدخل اليدوي وعدم وجود رصد فعال لزيادات سريعة في الإنفاق أو جلسات مراهنة مطوَّلة — حالات قد تؤدي إلى ضرر حقيقي للاعبين. الحكم أضاف ضغطاً على المشغلين لتسريع تحديث أنظمة المراقبة وإجراءات الحماية.
مبادرات وطنية وتعزيز تمويل الوقاية
على الصعيد الأوروبي، أعلنت رومانيا في نوفمبر 2025 عن مبادرة وطنية بقيمة 5 ملايين يورو تحت عنوان “Conscious and Free” لتمويل مشاريع الوقاية والعلاج وحماية القصر، مع دعوة للمنظمات الحكومية وغير الحكومية لتقديم مقترحات. خطوات مثل هذه تشير إلى توجه متزايد لدى هيئات الإشراف الوطنية لتحويل جزء من إيرادات القطاع أو موارد الرقابة نحو برامج مجتمعية ومراكز علاج وإرشاد.
ماذا يعني ذلك للقطاع وللمستهلكين؟
للمشغلين: ضرورة إعادة تصميم برامج الولاء والعروض الترويجية لتتوافق مع التعديلات التنظيمية والقدرة على إثبات آليات حماية فعّالة – خصوصاً أن تنفيذ القواعد في المملكة المتحدة يسبق موجة مماثلة متوقعة في ولايات قضائية أخرى.
للمستهلكين: مزيد من الشفافية وحدود واضحة في شروط المكافآت، وإمكانية تفعيل أدوات حماية ذاتية أسهل (حدود إيداع، استثناء ذاتي).
للمجتمع المدني والصحّة العامة: فرص أكبر للتمويل والتعاون مع الجهات التنظيمية لتوسيع خدمات الوقاية والعلاج.
خلاصة وخطوة المراقبة التالية
مع دخول تعديلات لجنة المقامرة البريطانية حيز التنفيذ في 19 يناير 2026 واستمرار تطبيق رقابة صارمة وفرض غرامات تنفيذية، ستبقى مراقبة الامتثال والتقارير عن فعالية أنظمة حماية العملاء في طليعة ما يجب متابعته خلال الأشهر المقبلة. ينبغي للجهات التنظيمية الأخرى، والمشغلين الدوليين أن يراقبوا نتائج التطبيق البريطاني عن كثب لتكييف سياساتهم وإجراءاتهم قبل فرض تدابير مماثلة محلياً.
