شهدت ساحة الشراكات التسويقية في 2025 موجة من التحولات السريعة التي أعادت ترتيب أولويات العلامات التجارية والمبدعين وواضعي الاستراتيجيات الرقمية. من تكثيف الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى صعود منصات التجارة المرتبطة بالمؤثرين ومؤتمرات الصناعة التي جمعت صانعي القرار هذا الخريف، تُظهر التطورات الأخيرة أن الشراكات لم تعد مجرد رعاية تقليدية بل أصبحت نموذجاً تجارياً متكاملًا ومقننًا.
موجة المنصات التجارية للمؤثرين والاندماج مع التجارة الإلكترونية
أعلنت منصات تابعة للشبكات المؤثرة عن خطوات عملية لتحويل توصيات المبدعين إلى قنوات شراء مباشرة. في خطوة بارزة لفتت الانتباه خلال الصيف، أطلقت منصة ShopMy تجربة تسوق جديدة تُمكّن المستهلك من الشراء عبر قوائم توصيات المبدعين مع نظام عمولات شفاف وتقسيم للعائد بين المروجين والعلامات – تحول يُختصر بأنه يقرب عالم المحتوى من عالم التجارة بشكل مباشر ويمنح المبدعين مصدر دخل دائم. تفاصيل الإطلاق والتحليل التجاري للخطوة نُشرت في تقرير لصحيفة متخصصة في قطاع الأعمال والتقنية، وبيّنت أن المنصة تعالج نحو عشرات الملايين شهرياً من مبيعات الروابط وتستخدم أدوات ذكائية لتخصيص تجربة الشراء. اقرأ التغطية التفصيلية هنا: Vogue Business عن إطلاق ShopMy ومنصة المؤثرين.
تأثير الذكاء الاصطناعي والقوانين الجديدة على شفافية الشراكات
اتجه كثير من الشبكات والوكالات إلى توظيف نماذج الذكاء الاصطناعي لتحليل الأداء، اختيار الشركاء، وتخصيص العروض عبر قنوات قصيرة المدّة مثل تيك توك ويوتيوب شورتس. وفي الوقت نفسه، فرضت متطلبات الامتثال والشفافية ضغوطاً على العلامات لتوضيح صيغ التعويض واستخدام وسم الإعلان/العمولة بشكل صارم، خصوصاً مع تشدد الأسواق الأوروبية والأمريكية في تطبيق قواعد حماية المستهلك وخصوصية البيانات. هذه الموازنة بين الابتكار والامتثال دفعت نحو تبني بيانات الجهات الأولى (first-party data) كبديل آمن وموثوق لتتبع النتائج وتحسين استهداف الشراكات.
فعاليات وخبرات هذا الخريف – أين يتجه القطاع؟
شهدت نهاية أكتوبر 2025 سلسلة من الفعاليات المتخصصة التي جمعت مسؤولي شراكات من علامات كبرى ووكلاء محتوى وناشرين. من بينها منتدى Marketing Partnerships الذي انعقد في الفترة 22-24 أكتوبر 2025، حيث تبادل المشاركون دراسات حالة عن شراكات ناجحة بين العلامات والترفيه والمؤسسات غير الربحية، وتم التركيز على نموذج الشراكات الطويلة الأمد بدل الحملات العرضية. كما برزت قمم عالمية للأفلييت والتجارة الحية (live commerce) في آسيا وأوروبا خلال أكتوبر ونوفمبر، مؤكدين أن الفيديو القصير والبث المباشر سيبقيان محركات رئيسية للتحويل في 2026.
مؤشرات الأداء التي عُرضت في هذه الفعاليات أظهرت ثلاثة اتجاهات واضحة:
نمو نماذج التعويض الديناميكي التي تربط المكافآت بالأداء اللحظي والمواسم التجارية.
توسع الشراكات العابرة للحدود مع حلول تتعامل مع اختلاف القوانين والضرائب واللوجستيات.
توجه متزايد للشراكات الفيزيا-الرقمية (phygital) التي تربط منتجات مادية بمزايا رقمية أو تجارب حصرية لتقوية ولاء المستهلكين.
رئيسة قسم الشراكات في إحدى وكالات التسويق العالمية قالت خلال المنتدى إن “الجدوى الحقيقية للشراكات الآن تقاس باستدامة الإيرادات وقيمة العلامة على المدى الطويل، لا بعدد المنشورات أو مرات الظهور فقط” – تصريح يختصر التحول من نشاطات ترويجية قصيرة الأجل إلى هندسة علاقات تعاونية استراتيجية.
ما الذي يجب متابعته لاحقاً
الملاحظة الأساسية للربع الأول من 2026 ستكون في مدى قدرة العلامات على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في عمليات اختيار الشركاء دون المساس بالشفافية والامتثال التنظيمي. كما سيكون من المهم رصد تجربة المنصات التي تربط مباشرةً بين توصية المبدعين والشراء – ما إذا كانت ستعطي مؤثرين حصة عوائد ثابتة أم ستنمو نماذج العمولة الديناميكية لتعكس القيمة الفعلية لكل شريك. أخيراً، ستحدد التشريعات الجديدة في الأسواق الكبرى كيفية صياغة العقود والبيانات في الشراكات العابرة للحدود.
